Abstract:
إن علماء أمة محمد ّ نوا بما مكنهم االله ما استطاعوا الوصول
ّ
اجتهدوا ما بلغه وسعهم ، و بي
ا إلى الأدلة التي تبنى عليها الأحكام سواء كانت من المنقول أو المعقول ،
ً
إليه من أحكام ، استناد
ّب اتهد من السير
واعتمادا على الطرق التي ترشد إلى الفهم الدقيق ، و تجن في دروب غير معلومة
النهاية ، و لا موصلة إلى العلم ، أو إلى الظن الذي تطمئن إليه القلوب. و سعوا إلى أن يضيفوا إلى
الأدلة المتفق عليها من كتاب و سنة و إجماع و قياس ، ما يستعينون به على إدراك حكم ما لم يتوصلوا
إليه من الأدلة المتفق عليها ، فكانت لهم مناهج في هذا اال ، ربما اتفق أكثرهم عليها ، و ربما انفرد
ا بعضهم دون بعض ، و من هذه المناهج أو الطرق الاستحسان الذي اشتبكت بشأنه الآراء .
و هذا المبحث الأصولي يمتاز عن بقية المباحث الأخرى بميزة و هي أن العادة في المباحث
الأصولية بل وغير الأصولية أن تكون التعر يفات الاصطلاحية محل توافق بين الخصوم ، ويبدأ العراك
ج
الفكري فيما بعد ذلك من المسائل والأحكام ، لكن الاستحسان أتى على خلاف ذلك حيث دارت
ً ، ولما انتهى
معارك الخلافيين في تعريفه اصطلاحا وتضاربت عبارام في تحديده ، وهذا ما نراه قريبا
ً القوم من التعريف الاصطلاحي للنزاع فيما بعد ،
وانكشفت أوراقه فوجئوا أن لا محل يصلح ميدانا
وبالفعل اعترف كثير من محققي الأصول ذا الأمر فقالوا (لا يتحقق استحسان مختلف فيه) ، و لك أن
تقول لو أن الأصوليين وغيرهم تركوا الاختلافات في المسائل وجعلوها مقتصرة على تحرير الأمر وتحديده
ليعرف كل واحد مراد خصمه لارتحنا من كثير من الصراعات والنزاعات الفكرية ، وهذا الدرس نستفيده
أن تجد له نظير في غير هذا الموضع
ّ
من هذا المبحث وقل