Abstract:
: حمدا لمن بيده زمام الأمور و يصرفها على النحو الذي يريده فهو الفعال لما يريد إذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون سبحانه, قد برئ كلامه من لفظ و حرف, و تقدست أسماؤه و جلت صفاته و كانت أعماله عيون الحكمة و صلاة و سلاما على النبي العربي الأمي, أفصح من نطق بالضاد محمد عبده و رسوله و على آله و إخوانه من الرسل و الأنبياء مصابيح الهدى و أعلام النجاة و من نحى نحوهم و إقتدى بهداهم الحمد لله الذي قدر لنا أن نسير في هذا الدرب و ألهمنا القدرة على مواصلته و تحمل عثراته التي ما كانت لتذلل لولا أن أراد, و ما كنا لنستطيع تحمل عبء هذا البحث لولا مشيئته, لقد كانت رواية " الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" لطاهر و طار بداية مجالا للإختيار , و كان التفاعل النصي بداية دراسة , و قد إخترناه من مدى أهمية التناص في الرواية الحديثة بصورة عامة و في روايات طاهر و طار بصورة خاصة فظاهرة التناص ظاهرة سائدة في الرواية الحديثة و المسلمة في بنائها , و إقامة الجدل حولها , و البحث في التناص يسهم في الكشف عن طبيعة الرواية , و يعمل على تفسيرها بوصف جوانبها , و إبراز خباياها , فالتناص قضية ثرية بما فيه من تعددية و قابلية للتقصي و البحث , و بما فيه من جهد إبداعي يتعلق بثقافة المبدع وقدرته على تسخيرها في العمل الإبداعي.
و إعتمدنا في الدراسة المنهج التكاملي الذي يقوم على إستثمار مناهج عدة دون التقيد بجانب دون الآخر فقد كان إعتماد في المنهج البنيوي لفهم النص الحاضر و ربطه بالأعمال الفنية الأخرى و السعي للكشف عن أثر الكتابات الأخرى في النص الحاضر و العلائق النصية الموجودة في داخله و إقامة حوار معرفي معها , و حضر المنهج التاريخي في المبحث الأول أثناء البحث عن النصوص المستحضرة و كان كوصف عرض المادة و فقا للتسلسل الزمني , و جاء المنهج الإجتماعي لربط الظاهرة الإجتماعية بقضايا المجتمع , أما المنهج التحليلي جاء للبحث عن الظاهرة و محاولة تفسيرها و الكشف عن التناصات التي قام النص الجديد بعملية إستيعابها و تحويلها و دور المبدع في تحقيق و توسيع المضمون الدلالي للنص و قد فرضت مادة البحث و طبيعه تقسيمه إلى مبحثين ,المبحث الأول كان للجانب النظري لهذا المصطلح النقدي , التناص لفهم طبيعة الموضوع, قبل التوغل في جزيئاته, حيث وقفنا عند مفهومه في النقد العربي القديم و بأي إسم عرف و بعد ذلك تطرقنا لمفهومه عند النقاد الغربيين التي تعدد التعريفات و المفاهيم و المصطلحات بسبب تعدد الإتجاهات النقدية كالبنيوية و الشكلانية.... و بعد ذلك إستوضحنا دور الناقدة الفرنسية جوليا كريستيفا في طرح المصطلح بشكل متطور و جديد لكن أصوله الأولى تعود للناقد الروسي ميخائيل باختين الذي سماه الحوارية في كتابه "شعرية دويستوفسكي" لننقل و نبين التعاريف و الترجمات للمصطلح التناص عند العرب المعاصرين لأنه وفد إليه من عند الغربيين مما جعل دلالاته تتعدد و مفاهيمه , ومن العرب الذين خاضوا في المضمار نجد محمد مفتاح و سعيد يقطين و محمد بنيس..ثم تطرقنا للكشف عن أنواعه, ثم الحديث عن علاقة الخطاب الروائي بالتفاعل النصي.
أما المبحث الثاني كان للجانب التطبيقي الذي جاء ليدعم الجانب النظري فكان المطلب الأول يتحدث عن التفاعلات التاريخية التي تفاعل فيها نص الرواية مع حادثة مقتل مالك بن النويرة من طرف خالد بن الوليد(رض) و إختلاف أبا بكر الصديق و عمر بن الخطاب (رض) بشأن ذلك و أسقطها الراوي على مجتمعه المعاش.
أما المطلب الثاني كان حول التفاعلات الدينية حيث تقاطع النص المبدع مع النص المقدس فكان القرآن الكريم حاضرا بقوة و هذا طبيعي لأن الكاتب يتحدث عن الولي الطاهر و المقام فجاءت الإستشهادات القرآنية لتدعم أفكاره و مبادئه على لسان الولي الطاهر و ختمنا هذا المبحث بالتفاعلات الأدبية بإعتبارها بنى نصية تجاور بنية النص الأصل استحضرها الراوي لتثري فضاء الدلالة النصي و تكشف عن المعاني المخبأة التي يريد الكاتب تفجيرها. و إنتهى البحث بخاتمة تضمنت أهم النتائج التي توصلنا إليها بعد دراسة الموضوع أما عن المصادر و المراجع التي إستندنا إليها في هذه الدراسة فهي .. القرآن الكريم و المصادر العربية القديمة كالعمدة لابن رشيق, أسرار البلاغة, دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني منهاج البلغاء لحازم القرطاجني.
أما المراجع العربية الحديثة فنذكر منها تحليل الخطاب الشعري( استراتيجية التناص) لمحمد مفتاح , ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب لمحمد بنيس, بين المنظور و المنثور في شعرية الرواية -دراسة-وسيلة بوسيس, النص الغائب تجليات التناص في الشعر العربي لمحمد عزام,رواية الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي" طاهر و طار ,علم النص لجوليا كريستيفا مترجم.
و أخيرا نتمنى أن يجعل الله في هذا البحث ما ينتفع به الآخرون .
و إن كانت هناك كلمة يجب أن تقال فهي الإعتراف بفضل الأستاذ المشرف " بلحسن محمد فؤاد" الذي لم يبخل علينا بالتوجيهات و النصائح و الملاحظات ,و إمدادنا بمختلف المصادر و المراجع , فله منا جزيل الشكر و التقدير و العرفان.