dc.description.abstract |
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من
يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, و أشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له, و أشهد
أن محمدا عبده و رسوله.
أما بعد فان أصدق الحديث كتاب الله و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم, و شر
الأمور محدثاتها , و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.
أما بعد: فلا يخفى علينا أن الصحابة رضوان الله عليهم عاصروا التنزيل و علموا أسباب ورود
الأحاديث و قد كانوا أقرب عهد بنور النبوة وأقرب تلقيا من مشكاتها, و مع ذلك دعاهم النبي "صلى
الله عليه و سلم" إلى الاجتهاد ,و قد تمرنوا على الاجتهاد و الاستنباط و تربوا على مواجهة القضايا و
المسائل و كانوا يحتجون بأدلة التشريع من الكتاب و السنة, فان اتفقوا على امر كان إجماعا, و ان لم
يتفقوا بقي الأمر في حيز القياس و النظر و كانوا في عهدهم قد طبقوا القواعد الأصولية بجوهرها و ان لم
يسموا ذلك بالمصطلحات الحالية.
ثم تتلمذ التابعون على أيديهم و نهجوا طريقهم و تتبعوا خطاهم, و تبلور في اجتهادهم ظهور
بعض المبادئ الأصولية كمراعاة المصلحة و الاستدلال بخبر الواحد و كذلك قول الصحابي في المسألة
نحو ذلك.
لكن بعد ذهابهم و اتساع الرقعة الإسلامية و اختلاط العرب بالعجم فسدت الألسن و اضطربت
الفهوم, و تغيرت, و استجدت قضايا و حوادث و نظريات, و ظهرت فرق مختلفة كالروافض, و
الخوارج و المعتزلة, و له يعد الاجتهاد ميسورا كما كان عليه في عهد الصحابة و التابعين, و كان من
جراء ذلك تميز مناهج الاجتهاد عند العلماء و الأئمة و احتاجت الاحكام الى قواعد يستند اليها
المجتهد ليكون أخذه منها صحيحا, فتلك القواعد المبعثرة لم تكن بتناثرها لتشكل علما مستقلا, لعدم
انتظامها في سلك معين أو وضعها ضمن قالب خاص أو وعاء يحويها, إلى أن جاء الشافعي رحمه الله
فوضع هذه القواعد و جمع شتاتها في علم مستقل و دون قواعده و أحكامه في مصنفه الموسوم
"بالرسالة" , فقد تكلم في رسالته عن الكتاب و السنة و الإجماع و القياس, و دلالات الألفاظ و غيرها
من المواضيع المتعلقة بأصول الفقه.
وشاء المولى عز و جل أن تصادف مسألة خبر الآحاد هو في نفسي و تستحوذ على شغاف قلبي
بعد ما قدر لي الإنتساب إلى قسم الشريعة بجامعة غرداية فاخترت دراسة خبر الواحد في كتاب الرسالة
للشافعي. |
EN_en |