Abstract:
ظاهر الاشتراك اللفظي تعد من الظواهر اللغوية الشائعة في معظم اللغات الحية، إن لم نقل في جميعها، ولو أننا فتحنا معجما أي معجم عربي أو غير عربي، لوجدنا بين دفتيه ألفاظا تكاثرت عليها المعاني، بل لوجدنا لكل لفظ غير معنى واحد، والعربية واحدة من اللغات التي نشأت في ظلها هذه الظاهرة اللغوية، بل تميزت من اللغات الأخرى برعايتها لهذا الظاهرة حتى كأنها صارت سمة للعربية لا تغادرها ، وقد كثرت الرسائل والكتب المصنفة في جمع ألفاظ هذه الظاهرة ، وما حوته بطون المعاجم كان أكثر، حتى بلغت ذراها عند صاحب التاج الذي جمع للفظ (العجوز) ما يقرب من مئة معنى.
وقد جعل بعض الدارسين الاشتراك ميزة للعربية تزهو بها على غيرها من اللغات، وتمدها بثروة كبيرة من الألفاظ والمعاني، وسلك آخرون غير هذا السبيل، فرأوا في هذه الظاهرة مثلبا في العربية يجللها بالغموض وينأى عن الفصاحة ، فكان تفرد العربية بهذه الظاهرة كثرة وتصنيفا واضطرابا في الآراء حولها.
ومن نافلة القول أن النص القرآني هو النص الوحيد الذي تكفل الله عز وجل بحفظه من تطاله يد التحريف أو التصحيف، فنأى بحفظ الله عن تعدد الروايات وتطور الألفاظ على تقلب السنين وتعاور الألسن، وتلك أمور أسقطت الاحتجاج بكثير من الشواهد الشعرية والنثرية، ولم يسلم منها إلا القرآن الكريم ، فاستحق بذلك أن تكون له الصدارة في الدراسات اللغوية عامة، والتطبيقية منها على وجه الخصوص ، إذا ما أريد لها سلامة المنهج ودقة النتائج.