الخلاصة:
يُمثل عقد التأمين مجالا خصبا لانحدار مبدأ سلطان الإرادة، تاركا المجال للتدخل التشريعي للحد من انفراد الطرف القوي في صياغة ونمذجة عقد التأمين، وكذا إلزام المشرع المتعاقدين على إبرام أنواع معينة من التأمين، فيجبر المتعاقد على الالتزام، مثل تأمينات المسؤولية، التي صارت من ضروريات الحياة وأسلوبا متطورا لتعويض الأضرار، وقد يفقد كذلك المتعاقدان الحرية في تحديد مضمون العقد مثل التأمين الإلزامي على حوادث السيارات الذي نظمه المشرع بكل تفاصيله، ويهدف المشرع بتدخله في عقد التأمين إلى تنظيم العقد وتحديد محتواه تنظيما قانونيا مباشرا على مستوى مضمون التزامات وحقوق أطراف العقد بحيث لا يترك مجال كبير للمتعاقدين في فرض شروطهم، وهذا وقاية من الشروط التعسفية، وكذا خدمة لمصالح اقتصادية ضرورية، فالعقد في العصر الحديث يستمد قوته التنفيذية من القانون ذاته، وأصبح محتوى العقد نفسه أكثر فأكثر توجهه أحكام آمرة، وانطلاقا مما سبق حاولنا في هذا البحث التطرق لدور مبدأ سلطان الإرادة، ومعرفة مظاهر القيود الواردة عليه، وأسقطنا المعالجة على عقد الإلزامي على المسؤولية من حوادث المركبات.