الخلاصة:
إن الجريمة تمثل اعتداءا صارخاً على المجتمع وعلى مصالح أفراده، لذا كان من الواجب أن يقابل هذا الاعتداء برد فعل من الدولة وذلك بتشييع العقاب وتقريره في حق كل من يعتدي على غيره، والدولة بتقريرها لهذا العقاب ترمي إلى بلوغ غايات معينة حفاظاً على كيانها وأمنها، إلا أن المجرم لا يمكن توقيع العقوبة عليه إلا إذا كان مسؤولاً جنائياً.
والمسؤولية الجنائية في معناها الأعم الكامل تعبير عن ثبوت نسبة الوضع الإجرامي للواقعة المادية التي يحرمها القانون غلى شخص معين متهم، بحيث يضاف هذا الوضع إلى حسابه فيتحمل تبعة واقعة إجرامية ما لم ترتبط هذه الواقعة بنشاط ذلك الشخص برباط السببية، وعليه فإذا ما توفرت للجاني ملكة الإدراك والتمييز وملكة حرية الإختيار فإنه يعتبر أهلا للمسؤولية، وعلى العكس من ذلك إذا فقد الجاني إحدى هاتين الملكتين أو كلتيهما فلا يتمتع بحرية الإختيار، ومن ثم لا محل للقول بمسؤوليته عن العمل الإجرامي، وهذه القاعدة تطبق على حالة الجنون العاهة العقلية وحالة السكر وحالة الإكراه، فإذا قام الجاني بجريمة ما وكان فاقدا لحرية الإختيار فلا يعاقب مثلا: كمن قام بالزنا مكرها، فالإكراه عذر معف عن المسؤولية الجنائية وبالتالي يرفع العقاب عن الفاعل، ولذا كان موضوع بحثنا هو "الإكراه وأثره على جريمة الزنا".