الخلاصة:
لقد تطرقنا خلال هذا البحث وعبر مختلف النصوص القانونية وكذلك الاجتهادات القضائية إلى دراسة نظرية الاعتداء المادي من خلال تعريفها وشروطها قيامها وكذا تطبيقاتها في القضاء الإداري الجزائري مقارنة ذلك بالقضاء الفرنسي باعتباره أصل الفكرة وتوصلنا إلى أن المشرع الجزائري وكذا المشرع الفرنسي والمصري لم يحددا تعريف الاعتداء المادي
ضمن التعريفات التي سردها الفقه نذكر تعريف الأستاذ ''ديلو بادير'' تكون حالة الاعتداء المادي عندما ترتكب الإدارة أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي مخالفة جسيمة يمس بحق ملكية أو حرية عمومية، وكذا تعريف الأستاذ الطماوي الذي يعرفه بارتكاب الإدارة لخطأ جسيم أثناء قيامها بعمل مادي يتضمن اعتداءا على حرية فردية أو ملكية خاصة وعليه نتواصل إلى أن الاعتداء المادي يقوم على شرطان أساسيان وهما تصرف الإداري غير المشروع والخطير ومثال ذلك أن نتخذ قرارا ليست لها سلطة اتخاذه أو أن تقوم الإدارة بتنفيذ قرار بالقوة دون أن يكون لها في الحق في ذلك بحيث ينتج عن هذا التصرف مساسا خطيرا بحق الملكية أو بحرية أساسية كأن تقوم الإدارة دون وجه حق بالاحتلال أرض للخواص انتهاك حرمة منزل ، تحطيم مال منقول وغير ذلك من الحقوق والحريات الأساسية فالدولة مهيمنة على مختلف الشؤون الحياتية والتنظيمية مستقدمة نشاطها لضمان حسن سير المرافق العامة فيها عن طريق الإدارة فالإدارة وهي تنهض في مهامها لابد لها تتمسك بمبدأ الموضوعية مبدأ سيادة القانون وإذا ما خرجت عنه وخالفت أحكامه كان تصرفها معيبا وشاب قرارها البطلان على أساس أن المشرع في مجال القانون العام نص الإدارة بإمتيازات بأن أعطاها الحق بإصدار قرارتها بإرادتها المنفردة و خول لها سلطة تنفيذ المباشر في بعض الحالات ودون انتظار لحكم القضاء إلا أنه إذا ما خالفت القانون انعقد الاختصاص للقضاء، فالمشرع الجزائري تطبيقا لسيادة القانون قد وضع رقابة على أعمال الإدارة الامر الذي يترتب عليه مسؤوليتها امام القضاء فتدخل القاضي الإداري لرقابة الاعمال الإدارة يسهر على احترام القوانين والمقاييس الاجبارية رغم كون القاضي الإداري وهو القاضي العادي في النظام الفرنسي هو القاضي الطبيعي للإدارة حامي الحقوق والحريات الفردية ومجسدا مبدأ لسيادة القانون في علاقة الإدارة بأفراد
إلا أنه لا يتدخل من تلقاء نفسه لحماية تلك الحريات ولو وقع اعتداء اليها بل الامر متوقف بتحريك دعوى قضائية من طرف المتضرر بغرض وضع حد الاعتداء
ومن خلال البحث تطرقنا إلى جملة تطبيقات دعوى الاعتداء المادي من خلال القضاء الإداري في الجزائر موضحين السلطات الحقيقية للقاضي الاستعجالي الإداري الضامنة لحقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية المكرسة دستوريا وكذا طبيعة الوسائل القانونية الموضوعة تحت تصرف القاضي للوصول إلى هدف أسمى وهو توفير الحماية الضرورية للمراكز القانونية للمتقاضين بشكل مؤقت وتحفظي وباتباع إجراءات سريعة وبسيطة ضمن مهل قصيرة
وفي حالات التعدي تتوسع سلطات القاضي الإداري إذا أنه يستطيع إصدار أوامر ضد الإدارة بان يأمرها بوقفه كما له أن يتصرف في حالة الاستعجال بأوامر استعجالية كما أنه باستطاعته الأمر بوقف تنفيذ القرارات الإدارية وبما أن القاضي الإداري يعامل الإدارة في حالة الاعتداء المادي معاملة الشخص العادي فإنه باستطاعته أمر الإدارة بتنفيذ الالتزام تحت طائلة الغرامة التهديدية .