dc.contributor.author | فاطمي عبد الرحمان | |
dc.date.accessioned | 2022-12-18T09:00:57Z | |
dc.date.available | 2022-12-18T09:00:57Z | |
dc.date.issued | 2021 | |
dc.identifier.uri | https://dspace.univ-ghardaia.edu.dz/xmlui/handle/123456789/4570 | |
dc.description.abstract | الحمد لله الأول فلا شيء قبله، والآخر فلا شيء بعده، والظاهر فلا شيء فوقه، والباطن فلا شيء دونه، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد: استثمرت الرواية الجزائرية التراث بشكل كبير و ملفت للنظر، إذ شكّل موضوعه مركزية مميزة راسمة الخطاب السردي بسمات متعددة، ومن بين الروائيين الجزائريين الذين احتفوا بالتراث: "واسيني الأعرج"، و"عبد الحميد بن هدوقة"، و"الطاهر وطار"، و"عبد المالك مرتاض"، و"سالم بن حميش"، و... حيث تحتفي أعمالهم الروائية بالتراث شكلا ومضمونا، فهي تتكامل فيما بينها لتكشف في الختام عن تجرية روائية احتوت الكثير من أشكال التراث المختلفة، إذ توزعت الاستفادة من التراث ما بين محاكاة شكل النصوص القديمة و أسلوبها، وبين توظيف المادة التراثية، كلّها أغرت الروائي بالولوج إلى عالم التراث. ورثت الرواية الجزائرية مخزونا كبيرا من التراث العربي والإنساني الزاخر، و الممتد امتداد رحلة الإنسان وصنعه للحضارة، يضم بين تشكيلاته أنواعا وأشكالا مختلفة ومتنوعة مابين مادية شعبية و أخرى دينية و أسطورية و تاريخية...، تفاعل معها العنصر العربي أفرادا ومجتمعات، غذّتها بفكرها وثقافاتها الشعبية وتراثها اللهجي والشفوي، وما الرواية الجزائرية إلاّ واحدة من تلك الروايات العربية التي تفاعلت ولا زالت تتفاعل مع هذا التراث، حين امتزجت تلك العناصر مع بعضها البعض وتجلت في الكثير من أعمال روائييها. كان الزيواني ممن انتهج هذا الفكر في قضية الاستفادة من الموروث وإعادة توظيفه داخل أعماله الروائية، حين عرفت أعماله توظيفا للتراث بمختلف أنواعه (التاريخي والشعبي والأسطوري...) بدرجات متفاوتة، باعتباره مكونا أساسيا في نصه الروائي، فلم تقف الرواية عنده في انفتاحها على التراث على شكل واحد منه، بل عرفت انفتاحا على مختلف الأشكال التراثية، التي تحمل زخما فكريا و حضاريا عريقا، أدرك الروائيون الأهمية الكبيرة للتراث في الرواية فرجعوا إليه و أعادوا قراءته بعين فاحصة، ثمّ بثوه في رواياتهم بطريقة وشكل آخر، وقد استطاعت الرواية الجزائرية من خلال ذلك أن تجعل لنفسها فضاء متميزا في الساحة الروائية العربية و العالمية، لأن روادها تمكنوا من تحقيق جماليات خاصة في الشكل الروائي، فقد قطعت أشوطا مهمة في مسيرة الرقي إلى مصاف الأعمال الخالدة، بكل ما تحمله من تشخيص للواقع المعيش، من رسائل إيديولوجية وكذلك من قيم جمالية وفنية. ويعد موضوع توظيف التراث في الأدب العالمي عموما، والأدب العربي خصوصا، و الأدب الجزائري على وجه أخص من الإشكاليات المطروحة في النقد الأدبي المعاصر، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن سر هذا التوظيف والتعامل مع التراث الذي هو جزء من ماضي الإنسان، فقد غدا استلهام التراث هو المسلك والملجأ للكاتب والمبدع المعاصر، فيحاكيه و يستدعي منه ما يماثل تجربته و ميوله الفكري والجمالي. ويتضمن هذا البحث مجموعة من الإشكالات، تحاول هذه الدراسة الإجابة عن التساؤلات الآتية: هل استطاعت " كاماراد رفيق الحيف والضياع " أن تلقي القبض على التراث وما مدى التقارب والتباعد بينها وبين مختلف أشكال التجريب الأخرى، سواء من حيث الشكل أو المضمون؟ و ما الآليات الفنية المعتمدة من أجل إدراك غايات هذا التوظبف؟ كيف جعل الروائي من التراث الإفريقي منطلقا لإثارة الجدل المتعلق بإشكال الهوية والانتماء، الذي يعد هاجسا في العديد من الأعمال الروائية ؟ و هل يمكن لــ"كاماراد رفيق الحيف والضياع " فعلا أن تكون مؤرخا لهوية الإفريقي؟. ما مدى استلهام التراث في الرواية الجزائرية؟ وما الأبعاد والدلالات الجديدة التي تكشف عنها الرواية في استلهامها لتراث إفريقيا ؟ كيف تعامل الروائي مع هذا التراث؟ هل استطاع التراث أن يكون وسيلة الكاتب في تحقيق غاياته وبث أفكاره إلى التغيير والبناء؟ تلك هي أسئلة بلورت إطار فكرة البحث فقد تم تعيين مدونة الروائي الفنان صديق حاج أحمد الزيواني للقيام بعملية مقاربة تحليلية، للبحث المعنون بــــ ( توظيف الموروث الإفريقي في الرواية الجزائرية المعاصرة رواية '' كاماراد رفيق الحيف والضياع''، للصديق حاج أحمد الملقب بالزيواني نموذجا.) قصد الإجابة عن الإشكاليات المطروحة، وكمحاولة بسيطة لتصفح كنوز تراث أمة منسية وقارة مُغيبة من سجلات الإنسانية، في رواية مميزة "كاماراد رفيق الحيف والضياع "، التي تحيل على تراث ثري يرتبط بالبعد الإفريقي، هذه الرواية تحدد ينبوع الثقافة والأصالة الإفريقية و الذي يغذي بدوره الوعي القومي والمجتمعي لدى الفرد والجماعة في المجتمع الواحد، أو في المحيط البيئي الذي تشترك فيه مجموعة من الشعوب ، فمثلا الترات الشعبي في كل منطقة يعدّ من أهم عوامل وحدتها وتكاتفها على تراثها وتاريخها المتجانس، ووحدة المصير المشترك بينها، وتقارب وتقاطع الحضارات فيها، كما تتميز هذه الرواية من ضمن ما تتميز به معماريتها المعرفية الغنية جدا بالمعلومات. كان اختيار هذا العمل للدراسة وليد الانجذاب نحوها، وعدم دراستها من قبل النقاد فيما أعلم و حتى كتابة هذه الأسطر، وسبب آخر يتمثل في أن هذا العمل يمثل بالنسبة للكاتب المذكور عملا ناضجا يتوسط جملة أعماله، مما يسمح بالاقتراب من التجربة الروائية للمبدع المذكور، وبعض النقاط الأخرى التي يمكن إيجازها في جملة من النقاط: 1) اهتمامي بالأدب الجزائري عموما، والرواية منه على وجه الخصوص. 2) إعجابي الشديد بالتجربة الإبداعية التي تستحضر الموروث كونه ذاكرة الشعب والأمة، تستوعبه وتعيد إنتاجه من جديد. 3) حرصي على إبراز أصالة الرواية الجزائرية، ومدى ارتباطها بالجذور القارية والإنسانية نلتمس من خلالها الجذور ونعايش الحاضر. 4) ندرة ــ حسب ما أعلم ــــ الدراسات التي تناولت حضور التراث الإفريقي في الرواية الجزائرية المعاصرة. ومن أجل بسط القضايا السابقة المبثوثة في فصول هذا البحث، توسلت في تتبعها المنهج الوصفي التحليلي، الذي يتيح لنا رصد قضايا الموضوع وتتبعه، ومن ثم محاولة إعطاء قراءة نقدية ثانية هي من صميم اجتهادنا الخاص لرصد الإشكالية وتتبع مختلف أبعادها وحيثياتها. وما سبق أسهم في توليد خطة، حيث يتقدم هذا البحث نحو قارئه بخطوات أولها مقدمة يليها مدخل نظري ( الخطاب الروائي العربي الحديث والمعاصر أدوات التشكيل وفضاءات الدلالة.) تناول تطور الخطاب الروائي العربي و الظروف الكثيرة التي دعت إلى ضرورة التجديد، فالرواية هي النص المفتوح الذي يقبل التطور والنمو والتغذي على الكثير من الأشكال الأدبية وغير الأدبية التي من أهمها المخزون التراثي مما حَدَا بالروائي المعاصر إلى خلق استراتيجية تجديد كانت من خلال توظيف هذا التراث. ثم كان انتظام هذا البحث في ثلاثة فصول أُستُهل كلّ فصل بتوطئة أثارت مجموعة من الإشكالات كما غني كل فصل بدراسة نوع من أنواع التراث نظرية وتطبيقية. قُسّم الفصل الأول المعنون ب " تحولات الخطاب الروائي الجزائري الحديث والمعاصر من التجريد إلى التجريب " إلى مبحثين: الأول: حمل عنوان " الرواية الجزائرية النشأة والتطور رحلة إبداع." لتندرج تحته المراحل ـالتاريخية للرواية الجزائرية ( السبعينيات ــــ الثمانينيات ـــــ التسعينيات وما بعدها ). وجاء المبحث الثاني تطبيقيا بعنوان :" تجليات الموروث في الإبداع الروائي المعاصر " لتندرج تحته أيضا مجموعة من المفاهيم والتي تضمنت: تناول التحديد الإجرائي لمصطلحات الدراسة انطلاقا من ماهية الموروث لغــــــة و اصطلاحا ،.تجليات الموروث الإفريقي في الرواية العالمية المعاصرة، تجليات الموروث الإفريقي في الرواية العربية والجزائرية المعاصرة. وقد جاء الفصل الثاني بعنوان " الموروث اللامادي الإفريقي في رواية "كاماراد للزيواني" "، حيث طغى الجانب التطبيقي على الجانب النظري، فكان الشق التطبيقي قد شمل موضوعين يحمل كل منها إشكالية التراث اللامادي الإفريقي، عالج الموضوع الأول التراث الديني لنجد فيه تجليات الموروث الديني.داخل الرواية ( توظيف البنية الفنية للنص الديني- الطقوس والأسطورة الإفريقية – و توظيف النص الديني )، ويختص الموضوع الثاني بتجليات توظيف موروث التاريخ ( "توظيف أحداث التاريخ: العبوديـــــــــــــــــة خشب الأبنوس ــــ الاستعمار الأوروبي ــــ ما بعد الاستقلال" و ثانيا- الشخصيات التاريخية)، ثم يختم كل مبحث بملاحظات ونتائج تم التوصل إليها من خلال دراسة نوع وشكل من أشكال التراث سابقة الذكر. أما الفصل الثالث والمعنون ب " ( الموروث المادي الإفريقي في رواية "كاماراد للزيواني)، كان التمهيـــــــــــد فيه تحت عنوان الموروث الشعبي الإفريقي في رواية "كاماراد للزيواني" و تضمن مبحثين، غني الشق التطبيقي بمجموعة من عناصر هذا التراث والتي أخترنا منها للدراسة: المبحث الأول التطبيقي للدراسة: توظيف موروث اللباس والزينة.( موروث اللباس والزينة، تجليات توظيف الموروث اللباس والزينة ، جماليات توظيف موروث اللباس والزينة ). كما تضمن المبحث الثاني التطبيقي لدراسة "توظيف موروث الطعام والشراب." ( الطعام والشراب الإفريقي، تجليات توظيف الموروث الطعام والشراب ،ـ جماليات توظيف الطعام والشراب الإفريقي). المبحث الثالث التطبيقي لدراسة: توظيف موروث الرقص والغناء الإفريقي.( موروث الرقص والغناء الإفريقي ، تجليات توظيف الرقص والغناء الإفريقي، جماليات توظيف الرقص والغناء الإفريقي). لتكون آخر الخطوات للبحث خاتمة لأهم النتائج المستخلصة من الدراسة بشكل عام، كما أتممت البحث بقائمة المصادر والمراجع المعتمدة والمرتبة ترتيبا أبجديا تلاه فهرس الموضوعات. وقد استعنت بجملة من المصادر والمراجع التي تخص موضوع التراث، خاصة ما يتعلق منها بالجانب النظري، من بينها: - توظيف التراث في الرواية العربية المعاصرة ل "محمد ریاض وتار"، د. ط، 2002. - علي شلش، الأدب الإفريقي، الكويت، عالم المعرفة، 1993 - عبدالحميد عقار، الرواية المغاربية تحولات اللغة والخطاب، شركة النشر والتوزيع المدارس،الدارالبيضاء المغرب، 2000. - صالح فخري، في الرواية العربية الجديدة، منشورات الاختلاف، الجزائر، ط1، 2012. كما اتكأ البحث أيضا على جملة من الدراسات التطبيقية، والتي كانت خير معين لنا للتحكم في آليات التحليل والتمكن من الوصول إلى دراسة بعض الجوانب في الرواية، ومن أهمها: - شريف كناعنة: دراسات في الثقافة والتراث والهوية، تح: مصلح كناعنة، مواطن المؤسسة الفلسطنية لدراسات الديموقراطية، رام الله فلسطين، دط، 2011. - فيصل الأحمر، دراسات في الأدب الجزائري ، إتحاد الكتاب الجزائريين،الجزائر،ط1، 2009. - عبدالله الغذامي، الثقافة التلفزيونية (سقوط النخبة وبروز الشعبي )، ط2، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء المغرب، بيروت، لبنان، 2005. - عبدالحميد بوسماحة، الموروث الشعبي في رويات عبد الحميد بن هدوقة، دار السبيل للنشر والتوزيع،الجزائر، ط1، 2008. الدراسات السابقة: 1. زهية طرشي، تشكيل التراث في أعمال محمد مفالح الروائية، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في الآداب واللغة العربية، كلية الآداب واللغات والفنون قسم: اللغة العربية وآدابها، جامعة محمد خيضر بسكرة 2015ـ2016. 2. عمار مهدي، المرجعيات التراثية في الرواية الجزائرية ـــــ فترة التسعينات ومابعدها ـــــ ، مذكرة مكملة لنيل شهادة دكتوراه علوم في الآداب العربي، كلية الآداب واللغات والفنون قسم: اللغة و الأدب العربي ، جامعة محمد بوضياف المسيلة 2017ـ2018. 3. منصوري سميرة، توظيف التراث في الرواية المغاربية الجديدة قراءة في نماذج، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في الرواية المغاربية والنقد الجديد ل.م. د، كلية الآداب واللغات والفنون قسم: اللغة العربية وآدابها، جامعة جيلالي ليا بس سيدي بلعباس 2016ـ2017. 4. عبدالرزاق بن دحمان، الرؤية التاريخية في الرواية الجزائرية المعاصرة " روايات الطاهر وطار أنموذجا"، أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه علوم في النقد الأدبي الحديث، كلية الآداب واللغات قسم: اللغة العربية وآدابها، جامعة الحاج لخضر باتنة 2012/2013 أما نماذج الدراسة، فقد وقع اختياري على رواية : - الصديق أحمد الحاج، كاماراد رفيق الحيف والضياع ،دار فضاءات،عمان، الأردن، ط 1، 2016. وكأي بحث، فقد واجهتنا مجموعة من الصعوبات كان أهمها: صعوبة الإحاطة بكل تفاصيل التراث المضمنة داخل البناء السردي الزيواني، و كذلك التراث الإفريقي الغني والثري والقديم قدم القارة السوداء والكبير بشساعة الفضاء الجغرافي لها، و نظرا لموسوعية البحث و تشظي مباحثه إلى دقائق تصلح هي بدورها إلى أن تكون مواضيع بحث مستقلة. تمحورت هذه الدراسة حول التراث الإفريقي وتجلياته في عمل أحد الروائيين الجزائريين المعاصرين، و هو الروائي " صديق حاج أحمد الزيواني"، في مدونته "كاماراد رفيق الحيف والضياع" التي رأينا فيها كيف تتجلى إفريقيا بتاريخها، وعاداتها، وتقاليدها، موروثها الشعبي والرسمي المادي واللامادي، كيف حاصر الزيواني التراث و عبأه في كبسولات لكلّ واحدة منها لون، وطعم، ورائحة مميزة، تنم عن تجربة أصيلة واحترافية كبيرة في نسج وبناء الصرح السردي. هذه التجربة الإبداعية لنسيج سردي استوفى كل المقومات الروائية الجمالية والتقنية، لتمنح الوظائف البنائية والجدوى الفنية المطلوبة، فلم تكن " كاماراد رفيق الحييف والضياع "متحفا للعرض والزينة فقط، بل تصورا لمشكلات القارة الراهنة و التاريخية، و تقديما للحلول بتوظيف حقيقي للتراث، تمثل في استخدام العناصر الحية فيه، استخدامٌ تجلى في مجموعة الخصائص الفنية والجمالية والرمزية فيه، ليُحِيل به إلى الأصل والوحدة التي ينبغي أن تجمع القارة ككّل، فخلق بذلك عالما جديدا يستند في بعض أحيانه على الخيال والإيحاء، لكنه لم ينفك يلامس الواقع، وصنع من تراث الرجل الإفريقي تصورات حداثية جديدة. و لاشتغال التراث في (كاماراد) مواضيع متنوعة، كان للزيواني فيه موقف ورؤية واضحة من خلال استغلاله في منجزه السردي، فمعالجتنا للفصول كانت قائمة على قلّه النظري مقارنة بالتطبيقي الذي أخذ الحيز الأكبر من الدرس، هذه التصورات والرؤية حاولت أن ألخصها في مجموعة من النتائج، التي توصل إليها البحث لعل أهمها: 1) اتسمت المحاولات التي بذلها الروائيون في توظيف التراث بالتجريب، وذلك بسبب عدم وجود شكل محدد للرواية التي عرفت بتمردها على الانضواء تحت شكل معين، وبمرونة فائقة في شكلها، تأت لها من قدرتها على الانفتاح على الأنواع الأخرى. 2) سعى الزيواني من خلال عمله هذا إلى تأصيل الرواية الجزائرية المعاصرة عن طريق توظيف التراث المادي وغير المادي لإفريقيا، ودل توظيفه للتراث على عدم تعاليه عليه، وعلى إحساسه بأهمية الانتماء للقارة السمراء وللبعد الصحراوي الراسخ في نفس وشخصية الحاج أحمد الزيواني. 3) إن توظيف التراث كما ظهر في نص الرواية لدى الزيواني، ليس اختيارا عشوائيا في أغلب الأحيان - بل يتخذ مناحٍ مختلفة جمالية، وفنية، وفكرية، وسياسية، واجتماعية، مما يجعل "كاماراد رفيق الحيف والضياع" تدخل في منظومة واتجاه فني يتبنى التراث لقراءة الواقع و انعكاساته. 4) لم ينصرف اهتمام الزيواني نحو التراث الإفريقي ككل، واستغلال إمكانياته الفنية فحسب، بل اتضح الاهتمام بتفاصيل منه، ومن خلال المزج بين الجانبين يظهر إبداع الكاتب وتميزه، و انعكس أسلوب الكاتب ووجهة نظره الخاصة، وملامح كتابته على تلك الاختيارات كما عبر التراث داخل الرواية عن القضايا المعاصرة بصورة مباشرة، أو بصورة إيحائية غير مباشرة؛ وهنا تكمن قيمة التوظيف الحقيقي. 5) اتخذ الزيواني من الشكل التراثي للتعبير عن مخلفات الحضارة الجديدة، التي تحمل الكثير من القضايا المشابهة لقضايا التراث ( الظلم ، البحث عن الحرية ،...)، فجاءت الرواية بذلك محكومة بثنائية القديم والجديد، وحاول الزيواني التوفيق بين ثقافة الماضي وثقافة الحاضر، كما عبرت عن المثاقفة بطريقة أخرى، من خلال تطعيم بناءه الفني في الرواية بالتراث الديني الإسلامي و النصراني. 6) لقد حّرر الزيواني التراث من مادته الخام إلى جعله مادة قابلة للتماهي مع ظاهرة التجريب، وعينة مهمة للمشتغلين بالهدم والبناء، وفق مناظير مختلفة فسحت مجالا واسعا أمام تعدد التأويلات والقراءات. 7) إنّ العودة للتراث الديني كشف عن نماذج وتجارب جمعت بين شعوب وديانات وثقافات مختلفة، مما يدل على أن تجربة العيش المشترك ممكنة، مع إمكانية الاحتفاظ بكل مقومات الخصوصية وعدم الذوبان في الآخر. 8) التجربة الفنية للزيواني تصنع تحديثاتها في المضمون انطلاقا من الموروث، ومن علاماته المميزة ومن فكرته التي تخلق الندرة والتفرد في الفكرة، والبحث عن تفاصيلها الغارقة في الموروث، لذلك لم يتوقف العمل الفني عند قبيلة أو جنس واحد، بل تنوع وتداخل مع مختلف الألوان الإفريقية، وانطلق كمحتوى غارق في التنوع الذي يعكس الإنسان الإفريقي. 9) وُظِّف التراث الشعبي في (كاماراد) كعمل إبداعي يخص تدوين التراث في نمط اللباس والزينة كصورة ومشهد، وعلامات بصرية، لترسيخها وجعلها رمزا معبرا عن الشعب والهوية، والوطن كما تراعي مبدأ السمة المشتركة بين الأفارقة، التي حاكت بيئتها بتراثها الزاخر بعبق الصحراء وما تحمل من قيم وتفاصيل حياة تعني الشموخ والتحدي والبناء. 10) الرواية تمثل وسيلة معرفية و دليل للقارة السمراء، فحضور التراث الشعبي في الرواية الجزائرية يؤكد انفتاحها ونضجها، فهي لم تعد حبيسة تجارب معينة، وهذا ما يعطيها البعد الإنساني.. 11) استثمر الزيواني التراث الشعبي بشكل فني يضمن انسجام شخصية البطل والشخصيات الأخرى مع وظيفتها داخل الرواية، فاعتمد التوظيف على الرامز الذي أسهم في إنتاج دلالات اجتماعية فكرية و جمالية. 12) النشاطات التي يمارسها الإنسان الإفريقي الشعبي قائمة على التفاعل بين العالم الخارجي والتجربة المحلية، فاستطاع الزيواني نقل تلك التجربة بتمثّل الشخصية الإفريقية من خلال "الطعام.والشراب "و وصفه كشكل من أشكال التراث المادي الذي يعكس لنا تلك الصورة المشتركة ذات الطابع المحلي، بين الشعوب الإفريقية. 13) إن العلاقة بين التراث الشعبي في جانب (الطعام والشراب التقليدي) والثقافة الرسمية بين بلدان إفريقيا قضية اجتماعية واقتصادية ذات جذور تاريخية، و ذات بعد حضاري وثقافي ساعدت الزيواني على النفاذ إلى عمق إفريقيا وشعوبها ويبرز لنا بساطة الإفريقي. 14) مكّن التراث الشعبي الزيواني من الغوص في أعماق المجتمع الإفريقي، من خلال تصوير جملة من العادات والتقاليد الراسخة فيه، فالإنسان يجتفي طاقات وخواص الطعام الذي يأكل، فيأخذ من خصاله وصفاته ما يبدو و يظهر على هويته، وكذلك بيان الأعراف المشتركة بين شعوبه المختلفة. 15) النص الزيواني، مليئ بأيقونات معرفية تراثية، والمرتبطة بحاجات ثقافية تتجاوز الوظائف البيولوجية أو الطقوسية، فلديها حساسية الشديدة لأوضاع الحرمان ومظاهره ومعانيه والمشاعر المصاحبة له في النفوس، تجاوز بذلك إحياء التراث إلى توظيفه توظيفاً واعياً، وإعادة تشكيله من جديد. 16) عبر الزيواني من خلال توظيف التراث عن الواقع المعيش، مؤكدا استمرار الماضي في الحاضر، وأسقط ما حدث أو ما سيحدث على ما يحدث، واتخذ بعض الشخصيات التراثية رموزاً لشخصية الإنسان المعاصر في الواقع الذي رصده في روايته. كما أن عوائق التحصيل والبحث تأخذ الحيز الأهم في بداية أي نقاش فكري، أو عمل بحثي متخصص فقد اعترضتنا مجموعة من الصعوبات أهمها: عجزي المعرفي عن هذا الكم الهائل من المعارف وهذا البحر الزاخر من تراث القارة السمراء، فضاقت بذلك إشاراتي، و تلاطمتني أمواجه العاتية، فتراني أتوزع ضمن تأويلات و ودلالات نقشها الزيواني داخل بنائه السردي لا أعرف لها مخرجا ولا مدخلا. تشعب الموضوع وهذا راجع إلى طبيعة الموضوع المتعلق بالتراث وإلى المدونة التي تحمل أشكال كثيرة من التراث . إشكالية الحصول على المراجع العلمية والمصادر التوثيقية لتي تخدم موضوع التراث الإفريقي مباشرة. تداخل بعض الأفكار التي تخص التراث الإفريقي. غزارة المادة النظرية المتعلقة بالتراث على حساب نقص الجانب التطبيقي على النصوص الروائية بشكل مفصل. بيد أن هذه الصعوبات هانت كثيرا بفضل من كان خير معين لي بعد الله تعالى أستاذي الفاضل الدكتور "بشير مولاي لخضر" على ما أبداه من حلم وسعة صدر، فكانت أفكاره وتوجيهاته الطريق القويم الذي سلكته طيلة مشوار البحث، فأعترف له بالفضل وأقدم له جزيل الشكر وعلى كل ما قام به من توجيه ومتابعة وتقويم، وإشراف على هذا البحث حتى رأى النور. وفي الأخير يبقى هذا العمل ككل بحث علمي يحتاج إلى التصويب والإضافة، ومهما يكن من جهد و من توفيق فمن الله وما كان خطأ وزلل فهو مني، ولكن حسبي أنني بذلت قصارى جهدي، وحاولت ما استطعت الإحاطة بهذا البحث، فإن لم تحقق الغاية المرجوة فإنها على الأقل أثارت الموضوع وحركت الساكن تجاه أدبنا الصحراوي، إسهاما مني في خدمة المنجز الإبداعي في الأدب الجزائري وخاصة الأدب الصحراوي على وجه الخصوص، ونسأل الله عز وجل من قبل ومن بعد التوفيق والسداد. | EN_en |
dc.language.iso | other | EN_en |
dc.publisher | جامعة غرداية | EN_en |
dc.subject | الموروث الإفريقي | EN_en |
dc.subject | كاماراد رفيق الحيف والضياع'' | EN_en |
dc.subject | الصديق حاج أحمد الملقب بالزيواني | EN_en |
dc.title | توظيف الموروث الإفريقي في الرواية الجزائرية المعاصرة رواية '' كاماراد رفيق الحيف والضياع''، للصديق الحاج أحمد الملقب بالزيواني - نموذجا | EN_en |
dc.type | Thesis | EN_en |