الخلاصة:
يعتبر الحق في حرية الراي وتعبير بالنسبة للموظف من القضايا التي أثارت جدلا كبيرا في أوساط قطاع الوظيف العمومي، كون قوانين هذا القطاع شهدت تدبدب في تعريف صفة الموظف وهذا ما حولنا توضيحه، من خلال جملة من الإجتهادات الفقهية والتشريعات المختلفة العربية منها والأجنبية، ولأننا ندرس الظاهرة الجزائرية فقدتعرضنا لمفهوم الموظف في التشريع الجزائري، خاصة الأمر 06-03 الذي يعتبر المرجعية والشريعة العامة للوظيفة العمومية مع إعطاء شرح مختصر لمفهوم الموظف في بعض القوانين ذات الصلة كقانون مكافحة الفساد وقانون العقوبات، من ثم تطرقنا الى تعريف كل من الحق والحرية مع شرح مفصل لحرية الرأي في المواثيق والعهود الدولية الهامة كهيئة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أسست للحقوق والحريات وأعطتها البعد العالمي فكان لزاما التطرق الى هذه الحقوق في المواثسق الإقليمية كالأتفاقية الأوروبية والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان، التي تعتبر الجزائر عضوا فعالا فيه.
تناولت الدساتير الجزائرية عبر مراحلها بداية من دستور 1963 الى 2016 كلها هذا المبدأ وفق كل مرحلة وحسب النمط السياسي السائد، ففي مرحلة الأحادية الحزبية كان الحق في حرية الرأي يكتنفه شئ من الغموض فكانت النصوص الدستورية تحمل عبارات التقييد تماشيا مع المرحلة. أما التشريعات المتمثلة في قوانين الوظيفة العمومية بمختلف مسمياتها شهدت نوع من عدم الإنسجام وعدم وضوح الرؤية مما نتج عنه فشل في مختلف جوانبه، لتبدأ مرحلة أخرى لعبت التحولات الدولية والإقليمية دورا كبيرا في بلورة الرؤية نحو نظام تعددي تجد فيه الحقوق والرحريات مكانتها. ففي الفترة الممتدة بين 1996 و2016 جاءت معظم الدساتير لتكفل حرية الرأي والتعبير ودعمتها بالضمانات الكافية لتنتهج النصوص التشريعية نفس المنهج خاصة في قانون الذي يعتبر المرجعية والشريعة العامة وهو الأمر 06-03 الذي إرتقى بالحقوق الى مكانة جد مقبولة كمبدأ عام تاركا المجال للقوانين الخاصة لمختلف الأسلاك كل حسب طبيعته.