الخلاصة:
إن التغيرات التي تشهدها الجزائر في شتى المجالات خاصة التغيرات الجذرية التي يشهدها اقتصادها استجابة لمتطلبات الفترة الراهنة بالتوجه الى اقتصاد السوق وما تستلزمه هذه الفترة الانتقالية من ضرورة ادخال تغيرات وميكانزمات جديدة على مختلف القطاعات الاقتصادية الوطنية وكافة هياكلها، بالإضافة الى المؤسسات الادارية والاقتصادية الفاعلة. وحيث أن أساس كل اصلاح مهما كان شكله ينطلق من اعادة النظر في الأطر القانونية الموجودة، فقد تم التركيز ابتداء وتوجيه الاهتمام نحو ايجاد جملة من القوانين تضمن تحقيق التغيرات المرجوة، وقد تجسدت البدايـــة في هذا الصدد في القانون رقم 88-01 المؤرخ في 12 جانفي 1988 والمتعلق بالقانون التوجيهي الخاص بالمؤسسات العمومية الإقتصادية، والذي يعتبر نقطة تحول جذري للنظام الإقتصادي من الإقتصاد المخطط نحو الاقتصاد الحر، بحيث يصبح الهدف هو تحقيق الفعالية الاقتصادية. تتمحور هذه الدراسة حول القانون العام الاقتصادي الجزائري حيث يمكن أن نقدمه على أنه ذلك الفرع من القانون العام ( القانون الذي ينظم الاشخاص العامة أي الدولة، الهيئات العامة الجهوية –الولايات والبلديات، والمؤسسات العمومية، كذلك علاقات هذه الاشخاص العامة مع الاشخاص الخاصة فيما يخص المجال الاقتصادي. وكغيره من فروع القانون، القانون العام الاقتصادي يقوم على مجموعة من المبادئ، التي بدونها لا يمكن الحديث عن اقتصاد السوق، حيث تشترك الجزائر مع غيرها من الدول في مجموعة من المبادئ والتي تتمثل في مبدأ حرية الصناعة والتجارة ومبدأ حق التملك ومبدأ المساواة في المجال الاقتصادي ومبدأ عدم رجعية التشريعات الاقتصادية، الا انها تستأثر بمبدأين اخرين خاصين بها الا وهما مبدأ حماية الانتاج الوطني ومبدا حماية التنمية المستدامة. وسنحاول في هذه الدراسة تبيان مفهوم هذه المجموعة من المبادئ ومراحل وأسباب ظهورها ومدى فعاليتها وتأثيرها في الاقتصاد الجزائري، ومدى تضامنها فيما بينها او تنافرها، ومدى فاعليتها في الافاق المستقبلية.