الخلاصة:
في ضوء ما تشهده الجزائر من محاولات جادة لإحداث تغييرات جوهرية في السياسات الاقتصادية بالانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق الحر القائم على حرية المنافسة بين المؤسسات الاقتصادية ، ازدادت الحاجة إلى تنظيم النشاط الاقتصادي بعد انتشار ظاهرتي العولمة وتحرير التجارة العالمية، حيث أن غياب الآليات القانونية لتسيير أي نشاط هو مايسح بسيادة قانون الغاب، وقد اثبت الواقع العملي صعوبة المنافسة الكاملة في ظل عدم وجود الأطر القانونية لتنظيمها، فقد تتجاوز بعض المؤسسات حدود المنافسة المشروعة وتصبح في وضع احتكاري تتضرر منه مؤسسات أخرى في السوق، ومن تم فان غياب قواعد واضحة لضبط الممارسات الاحتكارية الضارة بالمنافسة وبالمستهلكين وبالاقتصاد الوطني يودي إلى فوضى التحكم في السوق وانفلات الأسعار وقتل روح المنافسة والمبادرة والابتكار وعواقب اقتصادية أخرى.وسعيا لتحقيق نمو اقتصادي يتوافق مع البرامج المسطرة سارعت الجزائر لوضع أسس وقواعد لحماية المنافسة من خلال سن مجموعة من القوانين، منها قانون 89/12 المؤرخ في 05 جويلية 1989 المتعلق بالأسعار، الذي لم يضع أسس للمنافسة الحرة بل جاء فقط ببعض الأحكام المتعلقة بها، ثم الأمر 95/06 المؤرخ في 25 جويلية 1995 ، ونظرا لعجز هذا القانون الإحاطة بجميع القواعد التي تنظم المنافسة في ظل التطورات الحاصلة آنذاك في المجال الاقتصادي تمّ إلغاءه وتعويضه بالأمر 03-03 الذي يهدف إلى تحديد شروط ممارسة المنافسة في السوق وتفادي كل ممارسات مقيدة للمنافسة ومراقبة التجميعات الاقتصادية قصد زيادة الفعالية الاقتصادية وتحسين ظروف معيشة المستهلكين وقد تم تعديله فيما بعد بالقانون 08/12 المؤرخ في 25 جويلية 2008 ثم بالقانون10/05 المؤرخ في 15اوت 2010 . وترتكز مشكلة الدراسة في الكشف عن الممارسات المقيّدة للمنافسة ومدى خطورتها على النشاط الاقتصادي والبحث في كيفية تفعيل التدابير والآليات القانونية التي صخرها المشرع الجزائري لردع هذه الممارسات، وصولا إلى مدى نجاعة هذه التدابير والآليات في حماية المنافسة وترقية الاقتصاد الوطني.