Abstract:
إن موضوع التحقيق رغم كونه موضوعا شيقا، إلا أنه شائك و لا يستطيع هذا البحث الموجز أن يلم به إلماما من كافة الجوانب، و تعد مرحلة التحقيق من أكثر المراحل تعقيدا في الدعوى الجنائية، نظرا لتنوع إجراءاتها و تعدد الجهات التي تقوم بها، فضلا عن كونها مرحلة تتعرض فيها حقوق و حريات الأفراد للمساس، فتتقيد حرية المتهم بكشف أسراره ويتعرض مسكنه و شخصه للتفتيش، و رغم طل ذلك قد ينتهي التحقيق في النهاية إلى حفظ الدعوى أو الأمر بأنه لا وجه لإقامتها، أو ببراءة المتهم في النهاية .
و رغم ما أحرزته الأنظمة القانونية الحديثة من تقدم و تطور في مجال حقوق الإنسان، ووضع مختلف القواعد التي تستهدف توفير المزيد من الضمانات التي تحمي حقوق الإنسان، وحريات الأفراد، من أشكال التعسف و التحكم فإنها لم تستطع بلوغ المستوى الذي بلغته الشريعة الإسلامية فضلا عن أسبقية أحكام الشريعة المتعلقة بضمانات الأفراد أمام القضاء و هي أكثر واقعية و نجاعة على صعيد التطبيق الميداني و أن الشريعة الإسلامية بصفتها شريعة ربانية نصت على كل المبادئ المتعلقة بالمشتبه فيه، و التي توصل إليه الفقه القانوني و القضائي، و لكن بصورة أعمق و أشمل و أدق و أعدل و أصح فهي بذل ك تبرهن بحق أنها صالحة لكل زمان و مكان .
و من ثم يجب إحاطتها بسياج منيع من الضمانات و ذلك لكي تمارس هذه الإجراءات بشكل يضمن الموازنة بين حق المجتمع في الوصول للحقيقة من جهة، و حق المتهم من تعسف السلطة إذ أن غاية التحقيق هي معرفة الحقيقة و الوصول إليها، ولا يتحقق ذلك إلا بالنتائج المتوصل إليها و المتمثلة في :
- ألا يبقى تعيين قضاة التحقيق للقيام بهذه المهمة من قبل النيابة العامة، و إنما يوكل لرئيس المحكمة بوضع جدول سنوي لقضاة التحقيق يعينن بناء عليه في جميع القضايا مهما اختلف نوعها .
- لابد من إقامة التوازن بين مصلحة المجتمع و مصلحة الفرد، إذ لا يمكن الاعتداء على حريات الأفراد، إلا إذا كانت هناك أدلة مؤكدة على ارتكاب الشخص فعلا يعاقب عليه القانون .
- أن تحاط إجراءات التحقيق بضمانات تقي المتهم من تعسف السلطة المختصة بالتحقيق، تماشيا مع الإعلانات و الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.