Abstract:
شهد التاريخ معارك فاصلة، وأحداثا حاسمة غيرت مجرى الحياة، وصنعت مصائر الناي، وأعادت رسم خريطة العلاقات بين الدول، وتوجيه موازين الصراع بين الأمم. ومعركة وادي المخازن أو الملوك الثلاثة موضوع البحث بلا ريب هو إحدى هذه المعارك فهي تمثل حدثا تاريخيا فاصلا ومهما، كانت له تدعيات وأبعاد إستراتيجية، أثرت على منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط، وعلى المغرب الأقصى، وعلاقاته الأخيرة في الثلث الأخير من القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي، بل امتدت آثارها إلى العالم الإسلامي والمسيحي على حد سواء. فقد غيرت هذه المعركة الحاسمة موازين القوة قي تلك الفترة، وأرخت لحقبة الصراع الإسلامي المسيحي. وقد خاض المغاربة هذه المعركة في صيف 986هـ/1578م على أرضهم بمطقة القصر الكبير تحت قيادة عبد الملك السعدي، وأخيه أحمد المنصور دفاعا عن كيانهم وعقيدتهم وحريتهم، أما البرتغاليون وحلفائهم الأوروبيون فكانوا بقيادة الملك الضون (سيبستيان) مدفوعين بقوة التهصب الديني، والرغبة في احتلال البلاد، وإن تظاهروا أيضا بنجدتهم للمكل المخلوع المتوكل الذي استجار بهم بعد فراره من المغرب. وقد حرص الطرف المغربي على الانتصار في هذه المعركة المصيرية، لحماية كيانه ووجوده، وعلى رد الاعتبار لما لحق بالمسلمين من مآسي ومحن على يد الإسبان والبرتغاليين، بينما كان هدف الطرف الثاني ضرب الدولة الإسلام بالمغرب، والاحتلال من جديد لما حرره المغاربة، والتوسع أكثر في احتلال شواطئ المغرب، والهيمنة على دواخله.