Abstract:
عرفت البشرية منذ القدم صورا للعلاقات فيما بينها، فتبادلت المنافع وأقامت قواعد العلاقات على أسس من الاحتًرام المتبادل في أوقات معينة، وسعت إلى تطوير هذه العلاقات التي تنشأ وقت السلم، وكانت هذه العلاقات تتم عبر صور وأشكال كالتقاء الرؤساء والملوك مباشرة، أو من خلال المبعوثين الذين كان الواحد منهم يرسل لإتمام مهمة معينة، وكلما تطورت الحياة الاجتماعية والسياسية، كانت العلاقات الدبلوماسية تأخذ منحى جديدا أكثر تطورا. ظلت الدبلوماسية على مدى الأحقاب والأجيال المرآة التي تعكس مستول العلاقات بين الشعوب والدول، سواء في سياق تفاعلاتها أم في نطاق تجاذباتها. لذلك فإن أم استقرار لجانب من جوانبها، يكتسي أهمية قصوى بها دلالتها الخاصة ، ووقعها المؤثر في النفوس، اعتبارا لما لهذا الاستقرار من قيمة إنسانية، وسياسية قوامها البحث العلمي، والغوص في سجلات التاريخ والموغل في القدم. ضمن هذه العلاقات تبلورت الدبلوماسية المغاربية الأكربية خلال العصر الحديث، فمنذ بداية القرف 9 ق/ 15 ، اتجهت أنظار الأوروبين نحو البلاد المغاربية بعد انغماسه في الانحطاط، والتمزق فاحتلوا الثغور المغربية بهدف احتكار التجارة البحرية، وسيطرت الدولتان الإيبيرتان سيطرة تامة على أغلب موانئ بلاد المغرب الإسلامي. وفي مقدمة تلك الدول فرنسا، التي سعت لفرض سيطرتها على ضفتي المتوسط، حيث لعبت دورا فاعلا في الصراع العثماني الإسباني في الحوض الغربي للبحر المتوسط مما يستوجب البحث والدراسة، نظرا لتأثير فرنسا المباشر على سيرورة ذلك الصراع ، واستفادتها التامة من النتائج؛ التي تمخضت عنها المراحل المختلفة للصراع العثماني الإسباني، من خلال علاقاتها الخارجية، السياسية منها والدبلوماسية مع المغرب الأقصى، خاصة أن العلاقات تأرجحت بين الحرب والسلم (سلم غير دائم وحرب غير معلنة).