Abstract:
إن دراستنا لسلطة القاضي الجزائي في تقدير الأدلة كان الهدف الأساسي منها معرفة مدى وحدود الحرية التي يتمتع بها القاضي الجزائي في تقدير الأدلة، لنخلص الى القول بأن المبدأ العام الذي يحكم سلطة القاضي الجزائي في تقدير الأدلة هو مبدأ حرية القاضي في تكوين قناعته وهذا الإقتناع الذي يبدو من جانبين هما حرية القاضي في أن يستمد قناعته من أي دليل يطمئن إليه، ودون أن يتقيد في تكوين قناعه بدليل معين، وحيته في تقدري الأدلة المطروحة عليه، دون أن يكون ملزما بإصدار حكم بالإدانة أو البراءة لتوفير دليل معين طالما أنه يقتنع به، فله أن يأخذ بالدليل الذي يطمئن إليه وجدانه ويطرح الدليل الذي يطمئن إليه.
ولكن مهما اتسعت هذه السلطة التقديرية للقاضي الجزائي فإن لها حدودها ذلك ان المشرع لم يتركها مطلقة بل قيدها وذلك بأن أورد عليها بعض الإستثناءات التي لا يملك القاضي إزاءها أي حرية في تقدير الأدلة، كما أنه أخضعها لبعض الضوابط التي يتعين على القاضي الإلتزام بها حين إعماله لهذه السلطة، ففيما يتعلق بالإستثناءات التي ترد على سلطة القاضي الجزائي في تقدير الأدلة فإنها تتخذ صورا متباينة، فمنها ما يرد على حريته في الإثبات، بحيث لا تترك له حرية الإختيار الأدلة التي يستمد منها قناعته، ومنها ما يرد على حريته في الإقتناع، بحيث لا تترك له حرية تقدير الأدلة وفقا لاقتناه الشخصي