Abstract:
تمثل العلاقات في مجملها جسر التواصل الحضاري بين الشعوب في العالم، لذا أولى المسلمون عناية خاصة للعلاقات السياسية، كالاقتصادية مع غيرهم من الأمم الأخرى، سواء في حالة السلم أو الحرب، وعليه فإن العلاقات بين ضفتي الحوض الغربي للمتوسط، تفاعلت مع بعضها خلال العصر الحديث، بسبب حصول بعض الدول الأوربية على امتيازات داخل الإيالات المغاربية منحتها لها الدولة العثمانية منذ القرن السادس عشر، فكان هذا بمثابة الأمان الذي ساهم في انتقال الأوربيين إلى الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. ومن العوامل التي أثرت في هذه العلاقات تلك التحولات الكبيرة التي مرت بها أوربا في نهاية القرن الثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر، والتي أثرت بصورة مباشرة على مسار العلاقات بين الضفتين، ولعل أبرزها قيام الثورة الفرنسية ( 1789 - 1798 )، وما أعقبها من الحروب التي مارسها نابليون على دول أوربا الغربية، إضافة إلى محاولة انكلتًرا في البحث عن مكان لها في هذا الحوض المتوسطي، بعد خسارتها لمستعمراتها في قارة أمريكا. إن هذه الأوضاع التي فرضتها الظرفية المتوسطية في هذه الفتًرة؛ كاستقرار الأوضاع الداخلية لتونس ساهمت في بروز شخصية "حمودة باشا" في الحوض الغربي للمتوسط، حيث استطاع أن يبني علاقاته وفق ما تستوجبه مصلحة بلاده، وهدفه في ذلك استعادة مكانة تونس وهيبتها في الحوض الغربي للمتوسط؛ كالتخلص من السيطرة الأوربية على اقتصاد البلاد بوجه عام، والسيطرة الفرنسية بوجه خاص