الخلاصة:
شهدت الفترة الموالية للحرب العالمية الثانية تطورات إقليمية دولية وجدت من يناصها في مختلف دول العالم، سواء المتقدمة أو النامية منها، والتي أعطت معالم وركائز للنظام الاقتصادي الدولي، وفي الحقيقة وبالرغم من اختلاف المذاهب والايديولوجيات بين مختلف دول العالم، إلا أن المسعى كان واحد لتحقيق أفضل النتائج الاقتصادية وذلك من خلال تنمية التجارة الدولية وتحريرها، إما في شكل تكتلات أو تجمعات إقليمية اقتصادية، أو في إطار منظومة دولية تعمل على تحرير التجارة العالمية لزيادة التبادل الدولي وترسيخ مبدأ الاعتماد المتبادل، وتعظيم العائد من التجارة الدولية لكل أطراف الاقتصاد العالمي، وأمام ازدياد الانفتاح التجاري وزيادة حدة المنافسة في الأسواق الدولية لم يعد للكيانات القطرية القدرة وحدها على مواجهة هاته الرهانات الناتجة عن العولمة، مما جعلها تنتهج وتتبنى العمل التكاملي، مما له من حقائق ونتائج على التجارة العالمية اليوم، والتي تتأكد من خلال النمو الكبير في حجم التجارة البينية، بحيث تحتل الجزء الأكبر من التجارة للدول الكبرى، فقد بلغت الصادرات البينية لدول الاتحاد الأوروبي أكثر من 60% في السنوات الأخيرة من مجملها صادراتها الخارجية، وأكثر من 50% بين مجموعة تكتل النافتا، وحوالي 25% لتكتل الآسيان، وهذا ما يعكس الأهمية البالغة والمعاصرة لفكرة السوق الواحدة والواسعة التي تتحرك فيها السلع والخدمات والأفراد ورؤوس الأموال بحرية كاملة، إضافة إلى الاستثمارات والمعارض الفنية والتكنولوجيا للاستفادة من مزايا السوق الكبيرة، والتي تتجاوز الحدود التقليدية للدول.