Abstract:
يمثل النصف الثاني من القرن 18م فترة مهمة في تاريخ أيالة الجزائر، وهذا لعدة اعتبارات سياسية وعسكرية، لأنه خلال هذه الفترة بلغت الجزائر أوج قوتها البحرية، وعلى الصعيد السياسي شهدت تحولات كبرى، فعلى مستوى علاقاتها الخارجية عمدت الجزائر إلى تطوير وتوسيع علاقاتها السلمية مع البلدان الأوروبية، فقد استلهمت الجزائر بداية هذه الفترة بعقد معاهدة سلم مع جمهوري هامبورغ، سنة 1751م/1164هـ، ثم تلتها معاهدة سلم مع جمهورية البندقية 1766م/1177هـ، لتتوجها بأهم معاهدة خلال القرن 18م على الإطلاق مع العدو التقليدي لها وهو إسبانيا التي أبرمت سنة 1786م، بعد مفاوضات شاقة، وتكمن أهمية هذه المعاهدة كونها ستساهم بقسط كبير في إعادى الهدوء والاستقرار على ضفاف المتوسط، بعد صراع استمر قرابة ثلاثة قرون، ارتبط مفهومه بالصراع الديني بين المسيحية والإسلام. شعر الطرفان بأنهما لم يحققا أهدافهما من خلال هذا الصلح، فقررا استكمال العملية السلمية باتفاقية ثانية وهي اتفاقية وهران لعام 1791م، فهذه الأخيرة كان من أهم نتائجها استكمال الجزائر لسيادتها ووحدة ترابها، باسترجاعها لوهران والمرسى الكبير، وهما جوهر الصراع الجزائري الإسباني، بالمقابل تحصلت اسبانيا على امتيازات تجارية مهمة، تماثل تلك التي تحصلت عليها فرنسا في الشرق الجزائري، مما يبرز أثر التقارب السياسي وانعكاسه على العلاقات التجالاية، التي عرفت حيوية كبيرة خلال هذه الفترة التي تلت إبرام المعاهدة، وهذا ما يؤكده حجم المبادلات التجارية بين الجانبين.