Abstract:
تمكن نظام تسليم المجرمين من أن يحجز لنفسه مكانة ضمن مقدمة الآليات التي يعوّل عليها لمكافحة الجريمة العابرة للحدود، باعتباره أكثر الطّرق اعتمادا من قبل دول العالم للتصدي لهذه الجريمة الخاصة بطبيعتها، نظرا لسعة امتدادها وتعديها حدود الدولة الواحدة، تعدد مرتكبيها، احتراف الفاعلين فيها، وكذا جسامة آثارها، لذلك كان تسليم المجرمين موضوعا حيويا يسلط عليه الضوء، وتركز عليه الاهتمامات بغرض الإلمام بجانبه المفاهيمي، تحليل إطاره القانوني، التعمق في هندسته الإجرائية، إدراك أبعاده، و استشراف توجهات الدول بخصوصه. و لقوة ارتباطه بالعلاقات بين الدول فهو في الأساس إجراء اتفاقي قائم بين أطراف الاتفاقية الدولية، الأمر الذي اثر على فعاليته كآلية إجرائية رصدت لمكافحة الجريمة العابرة للحدود. لذلك فاتخاذ موضوع تسليم المجرمين محلا للدراسة في هذه المذكرة يلازمه إثارة جوانب تختلف في منطلقها و تتعدد مضامينها لكن يتوحد الهدف من الخوض فيها، إذ تتجه دراستها في الأخير إلى الوقوف على مدى فعاليته في مكافحة الجريمة العابرة للحدود.امتدادا لما سبق تأتي هذه المذكرة لتبحث في مختلف الجوانب المرتبطة بنظام تسليم المجرمين، وذلك من خلال الوقوف أساسا على أبرز الضوابط القانونية التي تؤطره سواء على المستوى الدولي أو الوطني، فتقييمها من حيث ما تقدمه من ضمانات لتأمين ديناميكيته و فعاليته، وصولا لتقويمه باقتراح حلول تساهم في ضمان فعاليته كآلية إجرائية لمكافحة الجريمة العابرة للحدود انطلاقا من النتائج المتوصل إليها و الثغرات التي تم الوقوف عليها خلال الدراسة.